تقيمك

لا تقتصر مشكلة مرض السمنة على التأثير على الشكل الجمالي للمريض وحسب، بل إن هذا المرض له العديد من المخاطر، بدايةً من التأثير على نمط حياة المريض بصورة كبيرة، بما في ذلك من عدم قدرته على السير لمسافات طويلة، أو مواجهة صعوبات في النوم، أو ارتداء ملابس معينة. كمان أن الخطر قد يتطور ليصاب المريض ببعض الأمراض التي ترتبط ارتباطا وثيقًا بالسمنة، مثل السكّري وارتفاع ضغط الدم، إذ إن السمنة تتسبب في زيادة نسبة الدهون في الشرايين والأوعية الدموية، وتقلل من حساسية الأنسولين.
وهنا يأتي دور عملية تحويل مسار المعدة، تلك العملية التي تطوّرت من عمليات تكميم المعدة التقليدية، لتكون بديلًا قويًا لها في الحالات المصابة بمرض السكّري وارتفاع ضغط الدم، وغير ذلك من المشكلات المرتبطة بالسمنة.

يعرّفنا الدكتور محمد صابر -احسن دكتور جراحة عامة فى مصر- على كافّة التفاصيل الخاصة بهذه العملية من خلال سطور هذه المقالة.

ما هي عملية تحويل مسار المعدة؟

بدايةً، قد يشير اسم العملية لجزء من طبيعة الإجراء، ألا وهو تحويل المسار.. أي أننا في هذا العملية نلجأ إلى تغيير المسار الطبيعي الذي يمر فيه الطعام لتحقيق هدف من أهداف العملية، ألا وهو “تقليل امتصاص السعرات الحرارية والسكّريات في الأمعاء”، وذلك عن طريق تجاوز جزء كبيرٍ من الأمعاء (أي ما يقارب حوالي 2 مترًا منها)، وتوصيله بالمعدة مباشرة.

ولا تقتصر العملية على ذلك وحسب، بل تتشابه أيضًا مع عملية تكميم المعدة في كونها تهدف إلى تقليل كمّية الطعام التي يتناولها المريض في الوجبة الواحدة وخلال اليوم، وذلك من خلال جزء كبير من حجم المعدة (يصل إلى نحو 70 إلى 80 بالمائة من حجمها الكلّي).

كما تهدف العملية إلى تقليل الجوع من خلال استئصال الجزء الذي يساهم في تحفيز إفراز الجريلين (هرمون الجوع)، فبالإضافة إلى صغر حجم المعدة الذي يجعل المريض يشبع بسرعة.. فإنه أيضًا لا يكون متحفزًا لتناول الطعام، ولا يشعر بالجوع لأوقات طويلة بسبب هذه الخطوة الإجرائية.

من هم المرشّحون لـ عملية تحويل مسار المعدة؟

وضّحنا سابقًا أن عملية تحويل المسار هي أحد أهم تطورات عمليات السمنة المفرطة، وهي عملية تعدّ أقوى في التأثير من عملية تكميم المعدة بالمنظار، إذ تزيد عن التكميم بكونها تشتمل على تغيير في فسيولوجيا الجسم وآلية امتصاصه للطعام، وذلك بسبب تغيير مسار الطعام ليتجاوز جزءًا كبيرًا من الأمعاء.

ومع هذه الفروق بين عملية التكميم وعميل تحويل المسار نجد أن هناك أشخاصًا هم المرشحون لعمليات التحويل للتخلص من السمنة وما قد يصحبها من أمراض مزمن، وهؤلاء المرشحون هم:

  • الذين يعانون من زيادة مفرطة في الوزن (السمنة المفرطة)، أي في حالة تجاوز مؤشر كتلة الجسم لديهم الـ 35 BMI.
  • من يعانون من أمراض مزمنة متعلقة بالسمنة المفرطة، مثل مرض السكّري وارتفاع ضغط الدم، أو خشونة الركبة والمفاصل.
  • الأشخاص الذين يعانون من ارتجاع المريء ولا تناسبهم عملية التكميم، إذ تناسب عملية تحويل المسار هؤلاء المرضى أكثر من عملية التكميم.
  • الأشخاص الذين يعانون من شراهة للسكّريات، فبفضل تحويل المسار لا يتأثر وزنهم بصورة كبيرة بتناول السكّريات، وذلك بسبب تقليل مسار امتصاص الطعام داخل الأمعاء.
  • الذين يرغبون في فقدان وزنهم في وقت قصير، إذ من المعروف أن نتائج عملية تحويل المسار تظهر في وقت أسرع من نتائج عملية التكميم.

ويُحدد جرّاح السمنة نوع العملية المناسبة للمريض بناءًا على درجة السمنة التي يعاني منها، والأمراض المصاحبة لها، وبناءًا أيضًا على نتائج التحاليل والفحوصات التي تسبق العملية.

كيف تُجرى عملية تحويل مسار المعدة؟

تُجرى عمليات تحويل مسار المعدة في المستشفى وذلك عن طريق اتباع الخطوات التالية:

  • تخدير المريض تخديرًا عامّا، حتى لا يشعر بأي ألم أثناء العملية أو بعدها.
  • عمل 4 أو 5 ثقوب صغيرة الحجم في منطقة البطن، يتمكّن الطبيب من خلالها من إدخال المنظار والأدوات الجراحية المُساعدة.
  • من خلال أحد هذه الثقوب يقوم الطبيب بضخ الغاز لتنتفخ المعدة وتظهر الأعضاء الداخلية بوضوح، بما في ذلك المعدة والأمعاء والأعضاء المجاورة لها، حتى تسهل إجراءات العملية ويتجنب المريض التعرّض لأي مضاعفات خطيرة، مثل إصابة الأعضاء المجاورة للمعدة.
  • يبدأ الطبيب بالإجراءات الفعلية لعملية تحويل مسار المعدة، وذلك عن طريق قص جزء كبير من المعدة وتوصيل الجزء المتبقي منها بنهاية الأمعاء، وذلك بعد تجاوز نحو 2 مترًا منها.
  • يقوم الطبيب بتدبيس المعدة الجديدة والجزء الذي تم فصله من الأمعاء بأحدث أنواع الدبّاسات التي تضمن عدم تعرض المريض للإصابة بخطر التسريب.
  • يُنهي الطبيب العملية بخياطة الثقوب الجراحية التي أجراها في البطن، وذلك بالاعتماد على الخيوط التجميلية التي لا تترك أثرًا بعد الجراحة.

ملحوظة: في هذا المقالة تطرقنا للحديث عن عملية تحويل المسار التقليدية، ولم نتحدث عن تحويل مسار المعدة المصغر، فهذه تقنية تختلف جزئيًا عن التقنية التي بين أيدينا في هذا المقال. وللاطلاع على المزيد من التفاصيل عن تكلفة عملية تحويل مسار المعدة المصغر وتفاصيل العملية يمكنكم تصفح المقالات الموجودة على موقعنا الإلكتروني.

كم تستغرق عملية تحويل مسار المعدة؟

لقد سهّل المنظار الكثير من الإجراءات الجراحية، بما في ذلك عملية تحويل المسار، فبعد أن كانت الجراحة التقليدية تتجاوز مدة إجرائها الساعة أو الساعة ونصف، باتت العملية بالاعتماد على المنظار لا تتجاوز الساعة، وربما في بعض الأحيان تتم في غضون نصف ساعة فقط.

هل عملية تحويل المسار خطيرة؟

يتساءل البعض حول مدى خطورة الخضوع لعملية تحويل المسار، وفي الحقيقة، باتت عملية تحويل المسار في وقتنا الحالي من أكثر عمليات السمنة أمانًا، وخاصة مع استخدام المنظار، وباتت نسبة نجاحها مرتفعة للغاية، خاصّة إذا أجريت العملية على يد جرّاح ماهر متمكّن في إجراء مثل هذه العمليات.

ويشدد الدكتور محمد صابر -استشاري الجراحة العامّة وجراحة السمنة والمناظير- على ضرورة التأنّي قبل اختيار الطبيب المرشّح لإجراء عملية السمنة، فيجب التأكد من سجّله المهني وعدد العمليات الناجحة التي أجراها، والاطلاع على آراء العملاء السابقين الذين خضعوا لإحدى جراحات السمنة على يديه، وخاصّة عملية تحويل المسار، لما فيها من فنّيات كثيرة ودقّة بالغة.

كما يُشدد على ضرورة عدم البحث تكلفة عملية تحويل مسار المعدة الأقل، بل الأهم هو اختيار الطبيب والمركز المتخصص في إجراء عمليات السمنة الجراحية.

ما هي نتائج العملية؟ وهل تشفي من السكّري؟

إن عملية تحويل المسار هي واحدة من أهم عمليات السمنة وأسرعها من حيث ظهور النتائج، فيلاحظ المريض فقدان نحو 50% من وزنه الزائد خلال الـ 6 أشهر الأولى من الإجراء. ويتحسّن شكل جسمه وحالته الصحيّة العامة.

وأثبتت الدراسات أن عملية تحويل المسار تشفي من مرض السكّري من النوع الثاني، وتساهم في ضبط مستويات السكّر لدى المصابين بالسكّري من النوع الأول، كما أثبتت الدراسات أن المرضى الخاضعين لعملية تحويل المسار تخلصوا من مشكلة ارتفاع ضغط الدم بصورة واضحة.

نصائح للمرضى الخاضعين للعملية

في ختام مقالنا يوضّح الدكتور محمد صابر –احسن دكتور جراحة عامة فى مصر– أن النظام الغذائي بعد العملية هو جزءٌ لا يتجزأ من نجاح العملية، فعلى المريض بعد خضوعه لعملية تحويل المسار أو أي من عمليات السمنة الجراحية أن يلتزم بالنظام الغذائي الموصوف من قبل الطبيب.

ويبدأ النظام الغذائي لعملية تحويل المسار من اليوم الأول للإجراء، بألا يتناول المريض شيئًا غير السوائل، وأن يتدرج في إدخال الطعام إلى الجسم في الأيام والأسابيع التي تلي الجراحة، فيبدأ بالأطعمة اللينة، حتى يصل إلى تناول كافّة أنواع الطعام بصورة طبيعية (ولكن بالطبع وفقًا للنظام الغذائي الصحّي المُحدد من قبل الطبيب).